مُلَخَّص
للمرّة الأولى، يوفّر مطياف الأشعّة تحت الحمراء الإماراتي (EMIRS) على متن مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ (EMM) «مسبار الأمل» قياساتٍ لحرارة المريخ عند جميع الأوقات المحليّة مع تغطيةٍ لمعظم الكوكب. وبذلك بات ممكنًا مقارنة القياسات المدارية لحرارة السطح بتلك المنجزة على السطح بواسطة المركبات الجوّالة خلال الفترة الزمنية نفسها. نستخدم بيانات التغيّر اليومي في درجة الحرارة من محطة رصد البيئة الجوّالة (REMS) على متن مختبر علوم المريخ (MSL) «الفضول»، ومن محلّل ديناميات البيئة المريخية (MEDA) على متن مركبة مهمة مريخ 2020 «المُثابَرة»، بين يونيو وأغسطس 2021، ونقارنها برصديات EMIRS وبمخرجات نموذج قاعدة بيانات مناخ المريخ (MCD). تشير النتائج إلى أنه، على الرغم من التطابق الممتاز في الاتجاه العام لتغيّر درجة الحرارة عبر الأدوات والمهام، تميل قياسات EMIRS إلى أن تكون أدنى على نحوٍ منهجي أثناء الليل مقارنةً بقياسات «المُثابَرة». ويُعزى جزءٌ مهمّ من هذا الفارق إلى الدقّة المكانية الأقل لقياسات EMIRS مقارنةً بقياسات المركبات الجوّالة، ما يُخفِّض التباين الحراري المتوسَّط في المناطق المرصودة، إلى جانب عوامل أخرى. نناقش آثار هذه النتائج على تحسين فهم مناخ المريخ، بما يُسهم في تحسين نمذجة التنبؤات الجوية المحليّة ودعم المهام الروبوتية والمأهولة مستقبلًا.
المُقَدِّمَة
يُعَدّ تحوُّل المريخ من كوكبٍ دافئٍ ورطبٍ يُحتمل أن يكون صالحًا للسكن إلى كوكبٍ باردٍ وجافٍّ كما نراه اليوم مجالًا نشطًا للبحث لدى وكالات الفضاء حول العالم (vago2015esa, zurbuchen2017mars, bhardwaj2014indian, amiri2022emirates). ويُعْتَبَر فهمُ هذا التحوُّل أساسيًّا ليس فقط لفهم تطوّر المريخ، بل أيضًا لتمكين فهمٍ أفضل لتطوّر الأرض والكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية وخارجها (sagan1972earth, jakosky2021atmospheric). وتوفّر العمليات الجوية والسطحية الحالية على المريخ أدلّةً على هذا التحوّل طويل الأمد للكوكب. وتُعَدّ دراسة التغيّر اليومي والموسمي لحرارة سطح المريخ من الموضوعات البالغة الأهمية بسبب دورها المحوري في التحكّم بعددٍ من العمليات السطحية وفي الطبقات الجوية الدنيا للكوكب وتأثيرها في الطقس والمناخ وفقدان المتطايرات من الغلاف الجوي (petrosyan2011martian).
أُجريت قياسات حرارة السطح سابقًا من المدار بواسطة: جهاز قياس الانبعاث الحراري على متن Mars Global Surveyor (christensen2001mars)، ومطياف فورييه الكوكبي (formisano2005planetary) على متن Mars Express، وقناة الأشعّة تحت الحمراء TIRVIM وهي جزء من حزمة الكيمياء الجوية (ACS) على متن مدار الغازات التتبُّعية لإكزو مارس (kokablev2018atmospheric)، ومدار استطلاع المريخ/المطياف المدمج للاستطلاع التصويري للمريخ (CRISM) (he2022surface)، وMars Odyssey/نظام التصوير الحراري بالإشعاع (THEMIS) (edwards2018thermophysical). كما أُجريت هذه القياسات بواسطة المركبات الهابطة والجوّالة، مثل Viking 1 و2 (hess1977meteorological)، وSpirit وOpportunity (spanovich2006surface, mason2021temperature)، ومحطة رصد البيئة الجوّالة على متن مختبر علوم المريخ «الفضول» (gomez2012rems, martinez2021surface)، ومحلّل ديناميات البيئة المريخية على متن مركبة مهمة مريخ 2020 «المُثابَرة» (rodriguez2021mars, martinez2022thermal)، وحزمة تدفّق الحرارة والخصائص الفيزيائية (HP3) ضمن مهمة InSight (spohn2018heat, piqueux2021soil). تتميّز قياسات الأقمار الصناعية بميزة التغطية الجغرافية الواسعة، لكنها تعاني نقصًا في التغطية عبر الأوقات المحلية. في المقابل، توفّر المركبات الجوّالة قياسات عند جميع الأوقات المحلية، لكن ضمن تغطية مكانية محدودة. وتهدف مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» إلى سدّ هذه الفجوة الرصدية (almatroushi2021emirates).
أحد الأهداف الرئيسية لـ«مسبار الأمل» هو توفير نظرةٍ كوكبية على المريخ على المقاييس الزمنية اليومية والموسمية. يتيح المدار الفريد للمهمة رصد التوزيع المكاني لحرارة السطح والطبقات القريبة من السطح لمعظم الكوكب عبر جميع الأوقات المحليّة (amiri2022emirates, almatroushi2021emirates, edwards2021emirates). كما يتيح قياس التغيّرات الحرارية اليومية على امتداد اليوم الشمسي المريخي مع تغطية شبه شاملة للكوكب. وبما أنّ التغيّرات الحرارية اليومية تُرصد في معظم المواقع على المريخ، تتاح فرصةٌ ثمينة لإجراء مقارنة مباشرة بين الرصديات المدارية والسطحية.
في هذه الدراسة، نعرض التغيّر الحراري اليومي لمعظم الكوكب كما قاسه «مسبار الأمل» من المدار، ونقارنه بقياسات السطح التي أجراها مختبر علوم المريخ (gomez2012rems) ومركبة مهمة مريخ 2020 (rodriguez2021mars) خلال الفترة الزمنية نفسها. نصف عوامل عدّة قد تُفضي إلى هذه الفروق في القياسات ونقترح سُبُلًا للتخفيف منها. كما نقارن هذه القياسات بقاعدة بيانات مناخ المريخ (millour2018mars) ونناقش التداعيات على تحسين نمذجة طقس ومناخ المريخ.
قياسات المركبة الفضائية
المدارية: مطياف الأشعة تحت الحمراء الإماراتي/مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ
مطياف الأشعّة تحت الحمراء الإماراتي (EMIRS) (edwards2021emirates) على متن «مسبار الأمل» هو مطياف تحويل فورييه يعمل في نطاق الأطوال الموجية من 6 إلى 100 µm. صُمِّم لتوفير قياسات للغلاف الجوي السفلي وسطح المريخ عبر رصد الانبعاث الحراري. يوفّر رصدياتٍ على مختلف الأوقات المحليّة ضمن فترات فرعية موسمية. تبلغ فترة مدار «الأمل» نحو 55 ساعة، مع حضيض مداري يبعد قرابة 20,000 كم عن السطح وأوج عند نحو 43,000 كم. تُنفَّذ قرابة 20 رصدة في كل مدار، أي نحو 60 رصدة أسبوعيًا؛ وتستغرق الرصدة نحو 29 دقيقة عند الحضيض و11 دقيقة عند الأوج. تُستكمَل تغطيةٌ كوكبية شاملة عبر جميع الأوقات المحليّة خلال نحو 4 مدارات أو أقل من 10 أيام. تتراوح الدقّة المكانية بين 100 و300 كم/بكسل (قطر البصمة) مع زاوية انبعاث تصل إلى 70°. تحتوي منتجات المستوى الثاني (L2) على إشعاعٍ مُعايَر ودرجات حرارة السطوع، بينما تُشتقّ منتجات المستوى الثالث (L3)، المستخدمة هنا، من L2 وتتضمّن درجات حرارة سطحيةٍ مُصحَّحة بعد عمليات إضافية. يُحصَل عليها عبر عمليةٍ بثلاث خطوات (edwards2021emirates): أولًا تُستعاد درجات حرارة الغلاف الجوي السفلي من نطاق \(15\,\mu\mathrm{m}\) لثاني أكسيد الكربون، ثم تُحدَّد قيم العمق البصري للغبار والهباء المائي، وأخيرًا يُقدَّر عمود بخار الماء. تُكرَّر العملية حتى التقاوُض، ويُطبَّق ضبطُ الجودة لضمان موثوقية النتائج النهائية. تُعرض مقارنة بين قياسات L2 وL3 في الملحق A1.
دخلت المركبة المدارية حول المريخ في 9 فبراير 2021 (السنة المريخية 36، \(L_s = 0.6\))، ما أتاح تسعة أيامٍ من أولى رصديات EMIRS. كان المدار انتقاليًّا خلال الأشهر التالية، وبدأت مرحلة العلوم للمهمة في 23 مايو 2021 (\(L_s = 48.7\)).